بطاقة الفيلم:
النوع: دراما
إخراج وكتابة: Richard Glatzer, Wash Westmoreland
| الطاقم التمثيلي: Julianne Moore, Alec Baldwin, Kristen Stewart مدة الفيلم: 101 دقيقة تاريخ الإطلاق: 20 فبراير 2015 ميزانية الإنتاج: 5000,000 دولار أرباح شباك التذاكر الأمريكي: 18,565,400$ الإعلان الدعائي |
الزهايمر، المرض الذي بالـتأكيد مر على أسماع الكثير منا في
الأعوام الأخيرة. كثيرًا ما نقرأ عنه في طيات الصحف وعلى مواقع الانترت. كثيرًا ما
نسمع عنه في أثير الإذاعات وقنوات التلفاز الإخبارية منها وغيرها. المرض الذي أصبح
من أكثر الأمراض سرعة في الانتشار - بالأخص لدى كبار السن - وأضحى يؤرق البشرية في
السنوات الأخيرة. المرض الذي تكثفت الدراسات الطبية لعلاجه وتعمل على الحد منه
والتقليل من آثره. المرض الذي يشهد كل عام بتاريخ 21 سيبتمبر تذكير به وبآلامه
ومرضاه. ولكن السؤال الهام هنا هل شهدنا جميعًا وعايشنا حالات بشكل مباشر لأفراد
يعانون من هذا الداء. الزهايمر هو محور قصة فيلمنا الذي سوف نتحدث عنه Still
Alice.
آليس هولاند (جوليان مور) الدكتورة الجامعية ذات المسيرة
المهنية المرموقة والتي قامت بكتابة الكثير من المؤلفات وجالت العالم لإلقاء
المحاضرات في تخصصها. كما أنها تحظى بحياة أسرية رائعة كزوجة لأستاذ جامعي أيضًا
جون هولاند (آليك بالدوان) وكأم لابن وابنتين. سرعان ما يباغتها الزهايمر ليقلب
حياتها وحياة أسرتها رأسًا على عقب. الفيلم الذي هو كحال المرض الذي أصاب آليس لم
يستدعي الكثير من المقدمات لنتعرف من أول مشهد على آليس وأسرتها وسعادتها واهتمام
كل فرد منها وما يواجه من مشاكل حياتية. ومن ثاني مشهد تبدأ علامات المرض صغيرة
ومن ثم تكبر شيئًا فشيئًا ليأخذنا الفيلم في رحلة مع آليس لمعاناتها بشكل تدريجي
في عملية أشبه بالموت البطئ. ومما يزيد الأمور تعقيدًا هو إصاية آليس بالمرض في سن
مبكرة عن خمسين عامًا وهو أمر نادر جدًا في حالة تعرف بالزهايمر المبكر. فضلأ عن
أن إصابتها وراثية فاحتمالية انتقال المرض لأبنائها بنسبة كبيرة جدًا.
لقد بدأت مقدمة مراجعتي السابقة عن فيلم Nightcrawler بأنها
جميلة هي الأفلام التي تكشف عن واقع لا تعرف كواليسه وجل علاقتك به هو ما تقرأه أو
تسمعه عنه. ومع زخم الإنتاج السينمائي في هوليوود كل عام والملئ بأفلام الخيال
العلمي والأبطال الخارقين والكوميديا، فإن عدد هذه الأفلام قليل ويتكثف عرضها على
نهاية العام لموسم الجوائز. فيلم Still
Alice هو من هذه الأفلام القليلة التي تثبت أن لغة الفن والسينما
بشكل خاص لها أثرها وقوتها في معايشة الواقع وبل ما يميزها عن أي لغة أخرى هو جمال
عرضها ومتعة التأمل في مشاهدها وحوارتها وتجسيد شخصياتها. الفيلم وضعني حرفيًا في
موقع آليس وجعلني أفكر وأطرح الكثير من التساؤلات، تخيل معي أن يصيبك ضمور في
ذاكرتك؟ عدم القدرة على أداء أبسط المهام الروتينية العادية اليومية، تعجز عن تذكر
المفردات، تتيه في مفترق الطرقات، تعجز عن الوصول للأماكن التي تحتاجها، لا تستطيع
قول ما تريد، تنسى من التقيت بهم في التو واللحظة وبل من قد التقيت بهم سابقًا،
تتضمحل ذكرياتك وتفقد جزء أو كل شريط حياتك، أن تصبح عالة على الآخرين، أن تكون
أسير مكان واحد، أن تخشى مواجهة المجتمع هربًا من عدم القدرة على إجابة الأسئلة
وأن تتمنى آخيرًا الرحيل عن الحياة على أن تبقى بين الحياة والموت.
مريض الزهايمر ليس كأي مريض آخر فهو مرض عضال ليس له علاج.
فإذا ما تحدثت عن أمثلة لأكبر أمراض العصر المستعصية، فهو ليس كمريض السرطان الذي
ما زالت جميع أعضاء الجسم قادرة على القيام بهامها أو حتى كمريض الإيدز الذي يفقد
جهاز المناعي ولكنه لا يزال غير أسير للتساؤلات التي طرحتها بالأعلى عن مريض
الزهايمرالذي يٌفقد هنا قدرة أحد أهم أعضاء الجسد على القيام بعمليته وهي التذكر.
الذاكرة التي هي بمثابة شريط التسجيل للحياة من معرفة وذكريات وأشخاص. ولذلك كان
الاهتمام أجدى وأكثر تطلبًا لمريض الزهايمر ممن حوله، وهذا الأمر ينطبق على سائر
أصحاب الأمراض الذهنية الأخرى التي تصيب عقل الإنسان. وقد نتذكر هنا حالة جون ناش
الذهنية في فيلمA Beautiful Mind للممثل الكبير راسل كرو وما
استدعته حالته من اهتمام كبير من زوجته نتاشا. فيلم Still
Alice لم يغفل عن هذا الجانب، بل أن قصة اهتمام أسرة آليس لها كانت
هي المحور الأكبر والحاضنة لمحور أصغر وهو معاناة الزهايمر سواء للمريض أو لمن
حوله.
من منا عشاق السينما لا يعرف جوليان مور البالغة من العمر 50
عامًا والتي بدأت شهرتها مع سلفيستر ستالون في فيلم The
Assassins وانطلقت بعدها نحو مسيرة
هوليوودية كبيرة يشهد لها الكثيرين وترشحت من خلالها عن أربع جوائز أوسكار وكان
اثنان منها في عام واحد وهو 2002 الذي شاهدت فيه أدائها الجميل عن فيلم The
Hours. في الحقيقة أنه عندما اكتسحت جوليان مور الجوائز لهذا العام عن
دورها في Still
Alice ومن بينها اقتناصها للأوسكار عن
ترشيحها الخامس، كان يدور في ذهني أنه لعله أوسكار ملفوف بغطاء التكريم لمسيرتها
المهنية أكثر من أنه استحقاق عن دورها في هذا الفيلم. ولكن والحق يُقال أن جوليان
مور استحقت الجائزة عن أدائها باقتدار. مور جعلتني حرفيًا أتعايش الإحساس بالمرض
بدايةً من خوفها وقلقها من علامات المرض مرورًا بمشاركة أسرتها حتى وصولها لأقصى
درجات المرض وشعورها بفقدان كل شئ. بل حتى أني في لحظات شعرت أني في موضعها. هناك
الكثير من المشاهد المؤثرة لها كمشهد إخبارها زوجها بالمرض، مشهد بحثها عن دورة
المياه، مشهد خطابها لجمعية مرضى الزهايمر، مشهد بحثها عن هاتفها الجوال في وقت
متأخر من الليل.
الممثل الكبير آليك بالدوان – التي اقترحت اسمه للدور جوليان
مور رغبة منها في التعاون مرة أخرى معه - لم تغب أيضًا لمسة أدائه كزوج محب وقلق
وخائف وحريص ومقدر ومساند لزوجته وحالتها الصحية. أما الضلع الثالث في مثلث الأداء
فهو كريستين ستيوارت التي لم تقدم بالنسبة لي من الأعمال ما يشفع لها إلى الآن على
الرغم من شهرتها الجارفة بسبب سلسلة Twilight، فإنها
قامت بتجسيد ابنة آليس (ليديا هولاند) التي لها شخصيتها المستقلة والباحثة لتحقيق
حلمها بأن تكون ممثلة وهي على الجانب الآخر من البلاد ويشكل ذلك حالة صراع بينها
وبين والدتها التي ترغب في التحاقها بالدراسة الجامعية. ومع ذلك تبقى حريصة على
أمها عند المرض حتى آخر لحظات الفيلم. بالمجمل كان أداء جيد. أخيرًا فإن اختيار
الموسيقى التصويرية كان ممتاز فإيقاعها ناعم وينسجم بشدة مع أحداث الفيلم. أخرج
الفيلم اثنين هما Richard Glatzer,Wash
Westmoreland كما قاما بكتابة النص المبني على
رواية بنفس الاسم، علمًا أن المخرج Richard
Glatzer مصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري Amyotrophic
Lateral Sclerosis أو ALS وهو
المرض الذي قاما على إثره الكثير من المشاهير بتحدي الثلج العام الماضي ومن بينهم
جوليان مور وكريسين ستيوارت وقد قامت كلاهما بإهداء التحدي للمخرج. كلا المخرجين
لم يحضرا حفل الأوسكار بسبب أن المرض اشتد على المخرج ريتشارد وقد توفي في مارس من
هذا العام. المخرجان ليسا لهما أعمال سابقة تستحق الذكر ولكنهما بالتأكيد
قاما بعمل جيد لإخراج هذا الفيلم في 23 يوم.
فقدت آليس القدرة على الإدراك ولكنها لم تفقد أهم شعور
إنساني وهو الحب في رسالة آخر مشهد للفيلم. فيلم Still
Alice هو فيلم أفضل بمئة مرة من محاضرات تلقى عن معاناة مرضى
الزهايمر والحاجة إلى الاهتمام بهم. فيلم لمن أراد تذكر شخصية سينمائية تعاني من
هذا المرض فالبتأكيد سوف يتذكر جوليان مور أو آليس.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق