انطوت صفحة عام 2016 ولعل مآسيها من حروب
وتفجيرات ولاجئين وأمراض جديدة وهبوط في الاقتصاد العالمي طغت عليها ولكن يبقى
أقلها على الصعيد الشخصي ذلك النور المشع القادم من داخل صالة معتمة بمثابة
التجديد والانتشال من حالة الواقع لبضع ساعات ليبث حالة من الفرح والبهجة والمتعة
بما يسطره الكاتب والمخرج والممثلين والمصور والموسيقي على شاشات السينما. عام
2016 كان يعتبر أقل إثراء وقوة على شاشات السينما غابت فيه قصص وسيناريوهات مميزة.
وحتى على الصعيد النوعي فخلى من أفلام الفضاء الرائعة التي اعتدنا عليها الثلاث
سنوات الماضية بدأً من Gravity عام 2013 و Interstellar عام 2014 و The Martian عام 2015. عام خلى من فيلم حركة مبتكر مثل فيلم
Mad Max
العام الماضي بعيدًا عن أفلام الأبطال الخارقين. والشيء بالشيء يذكر فعام 2016 كان
هناك زخم بأفلام الأبطال الخارقين لم يشهده العام الذي قبله 2015 وخاصة أن شركة DC Comics
دخلت بفيلمين ثقيلين بغض النظر عن مستواهما وهما Batman v Superman
و Suicide Squad
وشركة فوكس التي تملك حقوق بعض شخصيات مارفل افتتحت العام بنجاح ساحق لأول أفلام
الأبطال الخارقين الجديدة وهو Deadpool وأصدرت الجزء الثالث من سلسلة X-Men. أما شركة ديزني لابد أن يكون لها بصمتها بما
أنها تملك الحصة الأكبر من شخصيات عالم مارفل فعادت بقوة بالجزء الثالث من سلسلة
أفلام Captain
America وأنتجت فيلم لشخصية جديدة من عالمها وهي Doctor Strange. وكعادة حضور أفلام الخارقين كل عام منذ
عقدٍ تقريبًا، فأفلام الرسوم المتحركة كذلك كانت حاضرة بوفرة وديزني المتصدرة
أيضًا بأفلامها Zootopia,
Moana والجزء الثاني من فيلمها الشهيرFinding Dory. وديزني هي أكثر شركة مهيمنة بأرباح وإيرادات
أفلامها عامي 2015 و2016 نتيجة صفقاتها التي عقدتها منذ سنوات بشرائها لحقوق
شخصيات مارفل وسلسلة Star Wars. وأيضًا ابتكرت خط جديد منذ سنوات وهو إعادة
إنتاج أفلام الأنيميشن الكلاسيكية لها على شكل Live Action وقد نجحت في إنتاجها الجديد هذا العام لفيلم The Jungle Book.
ولأن السينما لا تنفصل عن الواقع كليًا ومع صعود حركة Black Lives Matter في
أمريكا، فإن الأفلام التي تدور أحداثها أو حقبتها عن التمييز العنصري بين البيض
والسود اندفعت للواجهة مثل Fences, Loving و Hidden Figures
وقد مكنتهم من حجز مقاعد عديدة في ترشيحات الأوسكار هذا العام مع فيلمMoonlight وخاصة بعد الجدل الكبير الذي دار العام الماضي
عن تجاهل الأكاديمية لأصحاب البشرة السوداء.
أجزاء ثانية وفيلم سيء
شهد عام 2016 جزء ثاني من عدة أفلام كان
متوقع لها نجاح مماثل للجزء الأول على شباك التذاكر ولكن أدائها كان أقل وهي The Huntsman: Winter’s War، Alice Through the Looking Glass، Independence Day: Resurgence، London Has Fallen. وينضم لهم توم كروز الذي عاد بجزء ثاني من
فيلم Jack
Reacher وهذه المرة مع المخرج إدوارد زويك الذي قدم معه رائعة The Last Samurai.
ولا أعلم لماذا عاد بعد إخفاق الفيلم الأول الذي كان عادي جدًا للغاية على جميع
النواحي ولا يضيف الجديد لتوم كروز على صعيد أفلام الحركة الذي يعد أبرز نجومها
وصاحب واحد من أفضل السلاسل لها Mission Impossible والذي كان آخر أجزائها ممتاز عام 2015. فيلم Now You See Me 2
كان فيلم ترفيهي لا بأس به ولكنه فقد لبريق الجزء الأول المميز. صانعي الجزء
الثاني قاموا بعمل الفيلم على مبدأ أنه هذه المرة لابد أن تكون الخدع أكبر وأكثر
تعقيدًا ولكن النتيجة أن بعض الحيل لم أستسيغها وأصبحت أشاهد الفيلم بمبدأ أن كل
مشهد لابد يحتوي على Twist للأحداث. ومع محاولة اختياراتي الدقيقة وانتقائي للأفلام التي
أريد أن أشاهدها من العام إلا أني لم أفلت من مشاهدة فيلم سيء على نهايته وهو فيلم
The Assassin’s
Creed. فبعيدًا عن أني لم أخوض اللعبة وكتقييم للفيلم مستقل، الفيلم كان
بمثابة الفشل والملل على جميع النواحي ويثبت أيضَا كما هو الغالب أن تحويل لعبة
إلى فيلم سينمائي تجربة غير ناجحة.
حضور في أكثر من عمل ومخرجون عائدون
شهد هذا العام حضور لأكثر من نجم كبير في
أكثر من عمل سينمائي ولعل أبرزهم توم هانكس الذي استفتح عامه بأضعف الأفلام التي
قد تكون في مسيرته وهو Hologram for the King الذي لم يشهد أداء ولا قصة وكأن بتوم هانكس قرر
أن يقوم بهذا الفيلم لوقت فراغ بسيط في جدوله وفيلم آخر Inferno وهو الفيلم الثالث من سلسلة روايات دان براون
والمخرج رون هاورد لمغامرات المحقق روبرت لانجدون وقد أثبت لي هذا الجزء تمامًا
صحة وجهة نظري وهو عن ضعف عملية تحويل روايات دان براون لفيلم سينمائي يحتفظ بثراء
الرواية التي تحتوي على زخم وكمية من المعلومات التاريخية والدينية الموجودة بها
التي لم يستطع نص سينمائي احتوائها بشكل ممتاز. وبينهما كان فيلم توم هانكس الأبرز
وأحد أفضل أفلام العام Sully. دينزيل واشنطن أيضًا ظهر في فيلمين أولهما The Magnificent Seven
والذي كان منتظرًا لأنه إعادة للكلاسيكية الشهيرة The Seven Samurai
وفضلًا عن أنه يجمع التعاون الثالث بين دينزيل والمخرج أنطوان فواكي ويوحدهما للمرة
الثانية بالممثل إيثان هوك بعد فيلمهم الشهير The Training Day. ولكن الفيلم جاء مخيب بالنسبة لي من حيث
الشخوص ودوافعهم في الفيلم لخوض غمار حرب ضد جيش من القتلة لإنقاذ قرية صغيرة
بسكانها، فلم أشعر بحماسهم واندفاعهم وبل حتى التعاطف معهم. وأداء دينزيل والإخراج
كان عادي جدًا ولكنه عوض إخفاقه بأداء رائع في فيلم Fences والذي عاد فيه لكرسي الإخراج للمرة الثالثة في
تاريخه. ماثيو ماكونيهي الذي يحاول يتحسس طريقه واختياراته بدقة منذ حصوله على
الأوسكار. فقد مر فيلمه Sea of Trees مع المخرج جاس فان سات مرور الكرام، بينما
فيلمه الثاني The
Free State of Jones كان جيدًا ويبقى ظهوره الثالث المنتظر والذي لم
أشاهده إلى الآن في فيلم Gold. بن أفليك كان البصمة الأبرز في الفيلم الذي لم
يكن على نفس قدر التوقعات Batman v Superman وكما أنه قدم أداء وفيلم جيد وهو The Accountant
وعاد لكرسي الإخراج في فيلمه منتظر Live By Night بعد أن توج بالأوسكار عن آخر فيلم أخرجه Argo. آمي آدمز لعلها أبرز نجمة ظهورًا في 2016،
بالإضافة لظهورها في فيلم Batman v Superman، فظهرت في فيلمين حصلا على الثناء النقدي بما
في ذلك أدائها وهما The Arrival و The Nocturnal Animals. نجومٌ آخرين كذلك مثل نتالي بورتمان، جورج
كلوني، ريان جوسلينج، مايكل فاسبندر، جينيفر لورانس، ويل سميث، روبي مارجيت، مارك
ويلبيرج وكريس برات كان لهم أكثر من حضور عام 2016.
العام الحالي شهد عودة مخرجين لم يقدموا
عملًا لأكثر من عام والبعض سوف أتحدث عن فيلمه لاحقًا بشكل مستفيض ولكن أبرزهم كان
الأخوين كوين، جودي فوستر، بول جرينجراس، كلينت إيستوود، أوليفر ستون، ميل جيبسون،
توم فورد، داميان تشيزال، مارتن سكورسيزي، بن أفليك وأخيرًا آنج لي. وهناك مخرجين
عادوا للسنة الثانية على التوالي لتقديم أعمالهم وعلى رأسهم ستيفن سبيلبيرج الذي
لم يلقى فيلمه الثناء النقدي المعتاد وهو فيلم BFG بينما روبرت زيميكس قدم فيلماً جيدًا للعام
الثاني على التوالي وهوAllied بعد
فيلمهThe Walk العام الماضي. وودي آلن كان حاضرًا كعادة كل عام
تقريبًا ولكن فيلمه مر مرور الكرام وهو The Cafe Society.
خيبات ومفاجآت
أختم مقالي المطول بأبرز خيبتين بالنسبة لي
لعام 2016 وهي أن فيلم Batman v Superman لم يكن على مستوى التوقعات كفيلم منتظر يجمع
أبرز شخصيتين في عالم الكوميكس. والمخرج آنج لي صاحب الرائعة الفلسفية عام 2013
وأحد أفضل أفلام العقد الحالي Life of Pi وحصل من خلاله على جائزة أفضل مخرج مستحقة من
وجهة نظري. لم يشعر أحد بوجوده هذا العام عندما عاد بفيلم Billy Lynn's Long Halftime Walk الذي كان عن تبعات حرب العراق
لأحد الجنود العائدين منها وبل حتى أني نسيت أنه أصدر الفيلم بعد أن وضعته لقائمة عام 2016 للأفلام
المنتظرة.
في المقابل فإن أبرز وأجمل مفاجأتين كانت
عودة ميل جيبسون للإخراج بعد 10 سنوات بواحد من أروع أفلام العام Hacksaw Ridge.
واختتمت العام بعودة رائعة للأفلام الموسيقية من خلال فيلم La La Land ليثبت لي كما ذكرت في البداية أن السينما قادرة
ولو عن طرق فيلم واحد أن تضخ كمية كبيرة من البهجة بعد الخروج منها.




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق