السبت، 11 مايو 2013

Skyfall

بطاقة الفيلم:
النوع: حركة، إثارة، تشويق
إخراج: Sam Mendes
كتابة: Neal Purvis, Robert Wade, John Logan  
الطاقم التمثيلي: Daniel Craig, Judi Dench, Javier Bardem, Ralph Fiennes, Naomie Harris
مدة الفيلم: 143 دقيقة
تاريخ الإطلاق: 26 أكتوبر 2012
ميزانية الإنتاج: 200 مليون دولار
أرباح شباك التذاكر الأمريكي: 304,360,277$

بعد أربع سنوات من الجذب والشد وتوقف المشروع لأكثر من مرة نتيجة ميزانية الفيلم الضخمة، عادت لنا سلسلة الجاسوس البريطاني جيمس بوند في فيلمها 23 بعنوان (Skyfall) وذلك في ذكرى مرور 50 عام على بدأ هذه السلسلة التي بالتأكيد وبلا شك هي علامة في الإنتاج السينمائي سواء أعجبتنا أم لا وسواء نال بعض أفلامها الإستحسان والآخر لا.

لاشك مما زاد الترقب لهذا الجزء بجانب فترة الإنتظار الطويلة هو وجود اسم المخرج الفائز بالأوسكار عام 2000 عن فيلمه الدرامي (The American Beauty) وهو المخرج البريطاني سام منديز. وهنا كان أمام منديز عدة تحديات. أولها هو أن يجعل عمل بوند القادم محل الإستحقاق للإنتظار تلك الفترة الطويلة. ثانيًا وجود اسمه كمخرج كبير ومعروف بالأفلام الدرامية فما هي البصمة التي سيقدمها في عمل من طراز الجاسوسية والحركة والإثارة. وثالثًا وهو الأهم ومبني على النقتطين السابقة، هل سيقوم بعمل فيلم تستحق عليه السلسلة في ذكراها الخمسين  أن تستمر لأعوام أخرى ويظل يشاهدها محبي السينما في العالم؟؟؟


لطالما أردت أن أكتب عن فيلم (Casino Royal) وهو الفيلم الأول لنجم السلسلة الأخير دانيال كريج والذي تم إصداره عام 2006. في هذا الجزء كان من الواضح جدًا أن منتجي السلسلة بدؤوا في التوجه نحو خط جديد لشخصية بوند وخاصة مع الثورة التي قام بها النولان عام 2005 في إلباس شخصية باتمان قدر كبير من الواقعية والدرامية والجانب العاطفي، بدأ كثير من المخرجين يكسو أبطالهم الخارقين والغير قابلين للإنكسار هذا الجانب. وكان لشخصية بوند من ذلك نصيب، فبوند الذي اعتدنا عليه كان شخصية صلبة لا تواجه تنوع في المشاعر وغير قابل للإنهزام ومدججة بالأسلحة الغريبة وينتقل من امرأة إلى أخرى بغير اكتراث، وجدناه مختلفًا تمامًا في فيلم (Casino Royal). في هذا الفيلم وجدنا بوند يبكي، يتألم، يسخر، يعطف، يواجه خطر الموت، ينكسر، يعشق امرأة بشدة لدرجة أنه يقرر أن يترك عمله لأجلها. وفي حوار جدًا رائع مع حبيبته فيسبر عندما تسأله "ألا يضايقك قتل أولئك الناس؟" فيجيب بوند "لن أكون جيد في عملي إذا فعلت ذلك" فحتى بروده تجاه من يقتلهم مبرر بالنسبة له بدافع طبيعة مهنته والتي تحتم سقوط ضحايا بين يديه.

دانيال كريج بالكاد كان ممثل معروف عن عدة أفلام شارك بها ولعل أبرزها فيلم (Munich) للمخرج ستيفن سبيلبيرغ. وعندما تم اختياره لأداء دور بوند خلفًا لبيرس بروسنان، انهالت التعليقات على المنتديات والمواقع الإجتماعية بسوء هذا الإختيار. ولكن دانيال كريج كان حاضرًا بقوة على المستوى التمثيلي بتجسيد أبعاد جديدة للشخصية وكذلك على المستوى البدني بعكس من قاموا بأداء دور بوند قبله فلم يكونوا بدنيًا في رأي بمثل مستوى كريج وأثبت علو كعبه وأستطاع تقمص الشخصية بمشاعرها المختلفة في الفيلم باقتدار. ليكون أول بوند أشقر بامتياز.

في فيلم (Casino Royal) بجانب القصة والسيناريو والحوار، كان الإخراج من مارتن كامبل والموسيقى التصويرية علامات بارزة في الفيلم مما جعله بالنسبة لي ليس فقط أحد أفضل أفلام سلسلة بوند وإنما أحد أفضل الجاسوسية التي شاهدتها في حياتي بصحبة سلسلة (Jason Bourne) للممثل مات دايمون.
تلا ذلك الفيلم، فيلم (َQuantum of Solace) والذي تم إصداره عام 2008. هذا الفيلم كان استكمال لما انتهت عليه حالة بوند في الفيلم السابق. ولعلنا في هذا الفيلم لم نرى بوند إلا مدفوعًا بمشاعر الإنتقام مع عدم مخالطته لمشاعر أخرى فكان الفيلم يغلب عليه جانب الحركة.
 
Bond & M
ما ذكرته عن الفيلمين السابقين كان مدخل ضروري لعملية المقارنة. بالعودة إلى الفيلم الجديد (Skyfall) فقد تمكنت أخيرًا من مشاهدة الفيلم واستمتعت به كثيرًا وهو بالتأكيد بالنسبة لي يتفوق على الفيلم السابق (Quantum of Solace) ولكن في المقابل فإنه لا يتجاوز رائعة (Casino Royal).

الفيلم الجديد كان بالفعل جدير بالإهتمام لتضمن القصة والسيناريو عدة نقاط جعلته متميزًا جدًا: 
النقطة الأولى: شخصية (M) التي تمثل رئيسة بوند وظهرت في الأجزاء السابقة ولكن هذه المرة يستعرض الفيلم العلاقة بينها وبوند بشكل أعمق وخاصة عندما يعتري بوند مشاعر الشك تجاه رئيسته (M) التي يطاردها ماضيها فيلقي بظلاله على مستقبل الإستخبارات البريطانية. وكاد أن يودي بحياته بسببها. وصاحب هذا الشك اختبار لولائه تجاه وطنه ورئيسته التي ساهمت في الإعتناء به منذ سن مبكرة.
النقطة الثانية: هي النبش البسيط في ماضي جيمس بوند حيث ذهبنا في هذا الفيلم إلى مكان ولادته ومنشأه وتأثير خسارة والديه عليه في سن مبكرة لدرجة أصبح معها يمقت هذا المكان. ونتيجة ذلك أنه أصبح عميل في الاستخبارات بناء على وضعه الإجتماعي كيتيم. وفي جملة معبرة لرئيسته (M) تخبره أنه لطالما كان اليتامى الأنسب لوظيفة العملاء. ولعلنا نستشف من هذا قدرة الاستخبارات على تعويض بوند عن ولائه لوالديه بولاؤه لرئيسته.
النقطة الثالثة: هي أن الاستخبارات البريطانية تواجه هذه المرة عدو من نوع آخر وهو عدو منها ويعرفها جيدًا، فالعادة الاستخبارات تطارد من يشكلوا خطر أي كان ولكن هذه المرة الخطر نفسه يطاردهم تحت عنوان الإنتقام الشخصي. فرأينا عدو بارد، ذكي، ساخر، مقهور ومتفلسف. سمعت وقرأت الكثير من يشبهون شخصية سيلفا بشخصية الجوكر في رائعة (The Dark Knight) وفي الحقيقة هي تتشابه معها في بعض الصفات التي ذكرتها وأيضًا كون كلاهما لا يبحث عن المال أو السلطة، لكن هناك شعرة بسيطة بينهما وهي أن سيلفا منتقم بينما الجوكر يرى وجوده أمر محتم لاستكمال وجود الخير. وكان هناك حديث لافت وجهته شخصية (M) في أحد المشاهد ومضمونه أن الحرب لم تعد مع دول موجودة على الخريطة وإنما مع أفراد ومنظمات خفية تتلاعب بالعالم. فالدول لم تعد تخوض حروبها بزيها وعلمها الرسمي.
النقطة الرابعة: الممثلة جودي دنش كانت هذه المرة حاضرة بقوة في دورها (M)، فكل محور القصة يدور حولها وبل أن الصراع الثنائي بين بوند وسيلفا ناشطٌ حولها. وقد رأيناها عنيدة ومندفعة ولا ترضى بدهس كبريائها.

Javier Bardem as Silva

بالنسبة لأداء الطاقم وهنا سوف أختصره على الثلاثي الأبرز والأساسي في الفيلم وهم الفائزة بالأوسكار جودي دينش والذي سبق أن تحدثت عن أدائها ودورها في النقطة الرابعة. ومن ثم الفائز بالأوسكار الأسباني خافيير باردام فلقد أبدع في دوره ولعله من أجمل أدوار الشر العام الماضي وأخيرًا دانيال كريج الذي لم تتغير وجهة نظري تجاهه، فيبقى بالنسبة لي أفضل من قام بأدام شخصية بوند على مدار متابعتي لأبطال السلسلة الأبرز شين كونوري، روجر مور وبيرس بروسنان. 

بداية الفيلم كانت جدًا ممتازة في مشهد المطاردة داخل مدينة إسطنبول لمدة ربع ساعة تقريبًا وانتهاء بهذا المشهد الذي يشدك ويجعلك تتساءل بالفعل مالذي سوف يحدث تالًيًا. الإخراج كان جدًا رائع من سام منديز ولا غبار عليه وإن كنت أريد أن أذكر مشهد جميل وعلق في ذهني، فسوف أذكر مشهد قتال بوند مع متخصص الاغتيالات في شنغهاي وقد ظهر كلاهما كالظل على خلفية أضواء الألعاب النارية. أخيرًا سواء من أعجبه الفيلم أم لم يعجبه ولكن الأكيد أن أغنية أديل بعنوان (Skyfall) وحدت الكل على روعتها واكتسحت الجوائز الثلاث الكبرى والأساسية وهي الأوسكار والبافتا والجولدن جلوب كأفضل أغنية أصلية.

ويبقى السؤال وهو هل يستحق بوند أن يبقى لأعوام أخرى؟؟؟
بالنسبة لي فالجزء الأخير أعطاني انطباع أن السلسلة قد يكون لديها المزيد مما يُشبع شغف محبيها بالأخص. وخاصة إذا ما تم مراعاة إضفاء جانب التميز كما هو الحال في الفيلم الأخير والموازنة بين جانب الحركة والجانب النفسي لشخصية بوند وذلك بوضعه في أُطر جديدة تجعلنا نكتشف ونتعايش مع جوانب أخرى لها والتدقيق في اختيار المخرج وحتى إن كان الأمر يتطلب أن ننتظر جزء كل أربع أو خمس سنوات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق