السبت، 7 ديسمبر 2019

Marriage Story

بطاقة الفيلم:

النوع: دراما 
إخراج: Noah Baumback
كتابة: Noah Baumback
الطاقم التمثيلي: Adam Driver, Scarlet Johansson, Laura Dern


مدة الفيلم: 136 دقيقة
تاريخ الإطلاق: 6 ديسمبر 2019
ميزانية الإنتاج: 18,600,000 دولار
الإعلان الدعائي


أعتقد أنه من أجل هكذا أعمال خلقت السينما حتى تقتنص أدق المشاعر والتفاصيل الحياتية الواقعية والحوارات الطبيعية والعلاقات الإنسانية المعقدة بشكل متجرد وتسلخها من أي مثاليات وزيف.


فيلم Marriage Story (قصة زواج) وهو من اسمه عن قصة ارتباط وعلاقة بين أي زوجين قد تكون نهايتها الانفصال فيصبح هذا الطلاق جزء من قصة الزواج "قصة حب تروى من خلال عدسة الطلاق". يحكي عن الزوجين نيكول وتشارلي اللذان وصلا لنهاية المطاف في علاقتهما وقررا الطلاق ورحلتهما في ذلك للوصول للاستقرار وحضانة ابنهما هنري.

الفيلم يبدأ بشكل عذب لمدة ثماني دقائق تقريبًا في استعراض العلاقة بين الثنائي عندما يتحدث كل منهما عن الآخر مع استعراض مشهديات من حياتهما الزوجية ولحظاتهما السعيدة بدرجة تجعلك تختبر شعوريًا كم أن هذا الثنائي مكملان لبعضهما وحياتهما مثالية ولا سبيل لهذه العلاقة إلا الاستمرارية فهي بمثابة الجنة لكليهما. حتى ندخل بعد ذلك مباشرة في مشهد وسيط طلاقهما حتى تختبر معه الشعور الآخر في بداية سقوط العلاقة وتبدأ ترسم علامات الاستفهام ومشهد يبدأ معه ظهور التعقيد في المشاعر والحالة وبالأخص لدى نيكول بعد مقدمة الفيلم العذبة.

الفيلم يستعرض أمل التمسك بالعلاقة، ومظهرها الخارجي الذي قد يبدو براقًا ومبهجًا وجذابًا للكل بعيدًا عن تفاصيلها الداخلية، وأسباب الانفصال التي قد تكون هشة وضعيفة وعادية للبعض ولكن تعني ويعاني بسببها صاحبها، والسعي وراء ممارسة الأبوة والأمومة والنظرة المختلفة للمجتمع تجاهها وتأثير الخلفية الأسرية ومراعاة العشرة، ومحاولة شق طرق جديدة للحياة أثناء وبعد الانفصال ومحاولة موازنة كل شيء حتى لا تخسر كل شيء. وفي أثناء هذا كله كان هناك تسليط الضوء على تعامل القضاء الأمريكي مع حالات الطلاق وبالأخص التي يكن فيها طفل وتعامل مكاتب المحاماة معها كحالات منفعة بحتة للاكتساب والاستنزاف المادي للموكل بعيدًا عن الوضع الإنساني له/لها.


فيلم مثل هذا يخبرنا كم نحن كائنات معقدة شعوريًا ففي اللحظة التي نحب بأقسى شعور لنا فإننا قد نقسو وفي اللحظة التي قد نكره فيها بأقسى شعور لنا قد نعطف. فيلم يأخذنا في رحلة الطلاق كما هي رحلة الحب ورحلة الزواج. الرحلة التي هي من أكثر التجارب المؤلمة والمريرة التي قد تصل لحرب بكل الوسائل ورغبة في الانتصار لمجرد الانتصار وتنتهي باستنزاف. كثير هي المشاهد الرائعة في الفيلم من بدايته لنهايته لما فيها من حوارات ورمزيات وأداء وحتى صمت معبر ولكن مشهد المكاشفة في النصف الثاني من الفيلم لمدة 10 دقائق كان من أجمل وأروع المشاهد التي رأيتها في حياتي كطبيعة حوار وتصاعده وتجسيد الممثلين.


كل تلك المعاني وكل تلك المشاعر وقد تكون أكثر استعرضها مخرج وكاتب الفيلم نواه بومباك بنظرة ثاقبة وحساسة وواقعية في مشهدياتها وحوراتها مع تجسيد خرافي من آدم درايفر وسكارليت جوهانسون وقد يكون هو الأروع لي هذا العام بكل ما تحمله الشخصيتين من مشاعر معقدة ومركبة. آدم درايفر الذي في بداية مسيرته تعاون مع مخرجين كبار أمثال كلينت إيستوود وستيفن سبيلبيرج والأخوين كوين وستيفن سوديربيرج وتعاون قادم مع ريدلي سكوت وظهرت شهرته مع سلسلة حرب النجوم الجديدة عام 2015 ولكن الدور الأول الذي شاهدته له وكان غاية في الروعة في ملحمة سكورسيزي الدينية The Silence عام 2016 وفي نفس العام أداؤه الشاعري البسيط في فيلم Paterson ومن ثم أداؤه الذي ترشح للأوسكار العام الماضي عن فيلم Blackkklansman مع المخرج سبايك لي. آدم من الممثلين الهادئين في تجسيده دون لحظات انفعالية كثيرة وأداء استعراضي ولكنه يعكس في تعابيره ما يكتنزه من مشاعر مع لحظات تفجيرية في التمثيل تحتفظ بها الذاكرة وفي هذا الفيلم لا يختلف تماماً وإن كان هنا في أعظم تجسيد له أراه يستحق عنه ترشيح مؤكد للأوسكار أما سكارليت جوهانسون فإنها أمام فرصة ذهبية مستحقة هي الأخرى للترشح للأوسكار لأول مرة في تاريخها وفي سنة مثالية لها حققت نجاح تجاري ساحق لفيلم Avengers Endgame وثناء نقدي عالي على فيلميها ودورها فيهما The Marriage Story وJojo Rabbit.


فيلم ذكرني أثناء مشاهدتي له بفيلم Manchester by the Sea الذي عرض سنة 2016 بمثل هذا القالب الدرامي الواقعي والشاعري في أجواءه وتفاصيله وحواراته وحصل على جائزة الأوسكار لأفضل نص أصلي ولذلك لا أستبعد ترشيح مماثل لفيلم Marriage Story عن نفس الفئة مع اختلاف أن تجربة Manchester by the Sea ثقيلة في المشاهدة ويصعب تكرارها. فيلم Marriage Story من أفلام المفاجآت السعيدة لي هذا العام على الرغم من المديح النقدي الذي كان يسبقه بكثير أثناء عرضه في المهرجانات الكبيرة وترشحه بها مثل مهرجان البندقية وتورنتو. وكم نحن محظوظون أنه من إنتاجات نيتفليكس لمشاهدته دون انتظار. فيلم بقي معي بحالته ووهجه عدة أيام كما كان مع فيلم La La Land عام 2016 ببساطته وجماله وعمقه وبهجة مشاهدته.

فيلم خير مثال أن كل ما تحتاجه حتى تصنع فيلمًا مميز وراسخ هو نص قوي يجسده ممثلين رائعين وعلى رأسهم مخرج متمكن من أدواته.

 


الأربعاء، 4 سبتمبر 2019

Saving Mr. Banks

بطاقة الفيلم:

النوع: سيرة ذاتية، دراما، كوميدي
إخراج: John Lee Hancock
كتابة: Kelly Marcel & Sue Smith
الطاقم التمثيلي: Emma Thompson, Tom Hanks, Colin Farrell, Paul Giamatti


مدة الفيلم: 125 دقيقة
تاريخ الإطلاق: 20 ديسمبر 2013
ميزانية الإنتاج: 35 مليون دولار
الإعلان الدعائي


في ديسمبر من العام الماضي كانت مشاهدتي لفيلم Mary Poppins Returns  وهو فيلم لكل الأعمار ومحبي الأفلام الموسيقية بصفة عامة خفيف ومبهج بموسيقاه وأغانيه وألوانه ورقصاته وبصريته وتشعر معه بمشاعر مختلفة. وهو بمثابة جزء ثاني لكلاسيكية ديزني الموسيقية الشهيرة Mary Poppins التي أنتجت عام 1964. والكلاسيكية هذه بالتحديد ببداية رحلة إنتاجها كانت هي خلفية لقصة  فيلم Saving Mr. Banks  والذي تم إنتاجه سنة 2013. حماسي الوحيد للفيلم عندما تم إصداره سنة 2013 كان نابع بسبب أن قامة تمثيلية مثل توم هانكس يقوم بأول تجسيد لشخصية والت ديزني على شاشة سينما أو تلفزيون ولكن تأجلت مشاهدتي له سنوات حتى أثار فضولي مرة أخرى عندما عرفت قصة الفيلم التي تدور عن محاولات والت ديزني المستميتة الحصول على حقوق إنتاج فيلم لرواية ماري بوبنز الشهيرة سنة 1961 من كاتبتها السيدة ترافيرز مع تعنتها ورفضها لننطلق في رحلة معها من لندن إلى لوس أنجلوس نكتشف من خلالها المسبباب وراء ذلك.


هذه الرحلة كانت عبارة عن الانتقال في المشاهد بين ماضي السيدة ترافيرز الذي تسترجع فيه ذكريات نشأتها مع عائلتها وحاضرها الذي تضع فيه كل العقبات مع فريق والت ديزني حتى لا تبدي موافقتها على تحويل الرواية إلى فيلم. هذا الانتقال كان غاية الروعة في المونتاج وجميل وفي المعنى فكيف إنه كل مرة نرجع لماضي السيدة ترافيرز نكتشف أسباب تكون شخصيتها. شخصية المرأة العنيدة التي تحب أن تظهر دائماً القوة وجمود المشاعر ونبذها أي مغامرة وسلوك طفولي وكرهها للمال والاستقلالية والاعتمادية على الذات لدرجة فوق المعتاد والمعقول والتي تجعل منها بمظهر الوقحة وتصرفاتها مستنكرة وغير مفهومة. هذا الانتقال يصل في ذروته لمرحلة الدمج في أحد أجمل مشاهد الفيلم  تنفجر معه إيما تومبسون (السيدة ترافيرز) بأداء عظيم. كيف كل كلمة لها أو نظرة منها أو ردة على شيء ما نعود لنربطه بالماضي عند نقطة ما من الفيلم وكيف ألفت روايتها الشهيرة بشخوصها وحواراتها. وكيف محاولة خروجها من شرنقتها حتى تحتفي وتستمتع بلحظات جميلة معدودة.


فيلم Saving Mr. Banks أحد الأعمال التي بامتياز تلقي الضوء على إثر نشأتنا الأسرية في كيفية تكوين شخصياتنا وتركيبتنا النفسية وقراراتنا والسلوكيات والأفكار التي قد نتبناها لا إراديًا وإن كانت خاطئة أملاً في أن نحمي أنفسنا من الوقوع في نفس أخطاء غيرنا ونحمي أنفسنا من ألام أخرى  أو لا نخذل آخرين. هو عمل كان يذكرني أثناء مشاهدته بالمسلسل القصيرPatrick Melrose  الذي أنتج سنة عام 2018 من بطولة بينديكت كامبرباتش وكان يحكي عن نفس الثيمة وبنفس طريقة السرد التي تعتمد على الانتقال بين الماضي والحاضر ومبني على سلسلة روايات بنفس الاسم مع فارق أنه كان غارق في الكآبة.


أداء عبقري من إيما تومبسون في كل تفاصيله التي ذكرتها سابقًا بتجسيد شخصية السيدة ترافيرز. وفعلًا كان من الغريب تجاهلها في ترشيحات الأوسكار رغم ترشحها في باقي الجوائز الهامة الأخرى ولعل حظها العاثر وضعها في سنة كانت المنافسة على أشدها في جائزة أفضل ممثلة. توم هانكس بكاريزمته وأدائه البسيط الفعال كالعادة كان كافي في أداء دور والت ديزني. كولن فاريل في دور والد ترافيرز كان رائع ولطالما كان لدي تقدير له كممثل منذ فيلمه الذي أطلق شهرته Phone Booth. كان يعيبه ترنح اختياراته على مدار سنوات ولكنه في السنوات الأخيرة تحسنت خياراته. والممثلة روث ويلسون في دور الأم بقلة الكلام ولكن تعابير الوجه توصل كل إحساس. بول جيماتي أحد مظاليم هولييود في دور السائق إضافة جميلة. تصميم الإنتاج كان رائع من ديكورات وأزياء تعكس الحقبة بألوان مبهجة. وفي مشاهد كوميدية تجعلك تضحك من حوارات وردات فعل السيدة ترافيرز. مخرج الفيلم هو جون لي هانكوك والذي قدم لنا فيلم The Blind Side  الذي فازت عنه ساندرا بولوك بأوسكارها كأفضل ممثلة. وأخيرًا من المنصف أن اشكر الصديق الذي ذكرني به ومن الخيرة إني لم أشاهد الفيلم في عام 2013 رغم حماسي له ولكن كوني شاهدت فيلم ماري بوبنز السنة الماضية فجعلتني استرجع شخصيات الرواية وأتخيلها وأكثر تداخل معاها أثناء الفيلم.

السبت، 17 أغسطس 2019

Once Upon Time in Hollywood

بطاقة الفيلم:

النوع: دراما، كوميدي 
إخراج: Quentin Tarantino
كتابة: Quentin Tarantino
الطاقم التمثيلي: Leonardo DiCaprio, Brad Pitt, Margot Robbie, Al Pacino


مدة الفيلم: 161 دقيقة
تاريخ الإطلاق: 26 يوليو 2019
ميزانية الإنتاج: 90,000,000 دولار
الإعلان الدعائي



اجتماع فني فخم آخر كان منتظر عام 2019 لكوانتين تارنتينو العائد بفيلمه التاسع قبل الأخير – كما يُقال - مع ممثلين تعاون معهما سابقًا وهما ليوناردو ديكابريو Django Unchained و براد بت Inglorious Bastards. الفيلم  يحكي عن ممثل تلفزيوني في نهاية الستينات يضمحل نجمه فيجد نفسه في محاولات حثيثة للعودة إلى الأضواء والشاشة الفضية في رحلة مع صديقه والدوبلير الخاص به. 


الفيلم كما ذكر تارنتينو عبارة عن حصيلة واسترجاع لذكريات تلك الفترة التي عاشها وما يميزها وبالتحديد ذروة الستينات سنة 1969 التي شهدت في هوليوود تحول على مستوى نوعية الأفلام اللي كانت تقدم بعد أن كانت عن رعاة البقر أو ما تعرف ب Western Spaghetti لأنها كانت للمخرج الإيطالي الشهير سيرجيو ليوني والذي تارنتينو نفسه من عشاق سينماه ولا ينكر تأثيرها عليه. والفترة التي شهدت ظهور جماعة الهيبيز وقائدهم القاتل المعروف تشارلي مانسون وصعود نجم الممثلة الشابة الشقراء شارون تيت لنجومية عالية مع زوجها المخرج الشهير رومان بولانسكي. كل تلك القصص كانت حاضرة بنهاية من نكهة تارنتينو العبثية الدموية الكوميدية بشكل كبير لمدة 15 دقيقة تجعل الصالة معها تضحك كمكافأة لمن صبروا حتى نهاية مشاهدة الفيلم في أسلوب سردي أقرب في شكله كما صرح تارنتينو نفسه لفيلمه الأشهر والذي أطلقه شهرته Pulp Function


مجموعة القصص التي ترتبط وتتشكل في النهاية وقد يكون الرابط في بعض منها خيط رفيع وغير محسوس أثره وإدراكه بشكل مباشر.   لذلك فإن تجربة مشاهدة الفيلم اعتبرها خاصة وقد لا تكون ممتعة للكثير وبالفعل سببت حالة انقسام في الرأي لمن حتى يعشقوا سينما تارنتينو من الشعور بالملل وعدم وضوح ما الذي يريده الفيلم. على الصعيد الشخصي فإن تجربة مشاهدة الفيلم كانت أنيسة بالنسبة لي لإدراكي فحوى الفيلم قبل دخوله وسابق معرفتي البسيطة للنقاط التي ذكرتها عنه ولكنه بالتأكيد ليس بقدر متعة أفلامه السابقة. عودة ديكابريو بعد أربع سنوات كانت مثالية في الاختيار وروعة في الأداء لتجسيد شخصية الممثل المتخبط المحبط الشاك في قدراته والساخر من نفسه وكثير من التعابير التي تستحضرها ذاكرتي مغموسة بكوميديا تعكس حالة الرثاء على حاله. وكاريزما حاضرة للشخصية التي قام بأدائها براد بت.