المقدمة والقصة
في ظل زحمة أفلام هولييود المعتادة كل عام والتي لم تأتي بالنسبة لي
إلى الآن بفيلم عظيم. قررت أني أتوجه بقائمة مشاهدتي إلى الأفلام غير هوليوودية من
حول العالم وكان الاختيار على الفيلم الدنماركي The Hunt.
فيلم The
Hunt هو فيلم من إنتاج عام 2012 يتحدث عن شخصية
لوكاس مدرس في روضة أطفال يعيش حياة وحيدة ويصارع حتى يحصل على حضانة ابنه من
طليقته ولكن بمجرد أن تبدأ الأمور في التحسن وتأخذ مجراها حتى تظهر كذبة بريئة
عليه تدمر حياته بشكل كامل.
فيلم The
Hunt هو من الأفلام التي أستطيع أن أطلق عليها
أفلام دراما بحته Pure
Drama من غير أن يخالطها أي نوع آخر جريمة، إثارة
أو كوميديا ولكن تستمتع فقط بقصة إنسانية اجتماعية بسيطة مع بناء متين للحبكة
والشخصيات وأداءات تمثيلية قوية.
السيناريو والأفكار
الفيلم يطرح مدى تأثير كذبة وافتراءة على حياة شخص ما وبالتحديد إذا
ما كانت كذبة بريئة غير مقصودة ومتعلقة بقضية اجتماعية حساسة ويحسب للنص إنه على
الرغم من حساسية الموضوع المتعلقة بها الكذبة إلا إنه ما استغرق فيها وكبر منها
وتحول لها وحتى لا يتوهم المشاهد إنه الفيلم يناقش هذه القضية. ولكن الفيلم ظل
محافظ على الفكرة الأصيلة له التي يناقشها وهي الكذبة والافتراءة على شخص ما
وتأثيرها على حياته.
من نقاط قوة نص الفيلم هو اختياراته التي وضع الشخصية بها. فشخصية
لوكاس كان من الممكن أن تكون لشخص يعيش حياة مستقرة وسعيدة سواء أعزب أو متزوج
وكانت في النهاية أيضَا نتيجة الكذبة التي ألقيت عليه سوف تكون ليست بالبسيطة وعواقبها
وخيمة ولكن اختيارات كاتب النص لشخصية لوكاس أن تكون وحيدة وتصارع من أجل
استقرارها وحصولها على أشياء بسيطة لسعادتها في الحياة وتشمل الحب وحضانة ابنه
أضافت طبقات أجمل وأروع لمعاناة الشخصية في الفيلم وما مرت به وحجم خسائرها. ومع
حجم الخسائر التي تواجهها شخصية لوكاس فإن نص الفيلم يقدمها بشكل تدريجي وفي كل
مرة تشعر معاها أن الكذبة التي ألقيت عليه بمثابة معول تقوم بهدم قدر أكبر من حياة
لوكاس حتى نصل لمشهد الانهيار التام للشخصية أو كما اسميه Melting Down
ليكون من أروع مشاهد الانهيار التي شاهدتها في حياتي.
لنصل بعد ذلك للمشهد النهائي للفيلم وهو من أفضل مشاهد النهايات التي
شاهدتها وتدفعك في لحظة تفكير إلى أي درجة تأثير فكرة أن تطارد كذبة ما حياة شخص
مدى الحياة وتربطنا بعنوان الفيلم الصيد.
الأداء التمثيلي
الأداء التمثيلي لطاقم العمل كان على أعلى مستوى ولا غبار عليه
وبالأخص صديق لوكاس المقرب شخصية ثيو وصراعه النفسي في أن تصديق الكذبة
التي قيلت على لوكاس أو نفيها والوقوف بجانب صديقه مع تجسيد لمعاناة الصراع في آخر
ثلاث مشاهد من الفيلم رائعة. والأداء الثاني كان لابن لوكاس شخصية ماركوس
وخوضه معاناة والده وتأثير الكذبة على حياته أيضًا والأداء الأخير لبطل الفيلم الرئيسي
الممثل الدنماركي الشهير مادس مكيلسين والذي اشتهر بعد أداءه لدور المجرم في
فيلم بوند الأول من السلسلة الجديدة من بطولة دانيال كريج سنة 2006 Casino Royal وكان انطلاقة قوية للسلسلة ومميزة في كل شيء حتى في دور عدو بوند الذي جسده مادس.
مادس هنا يقدم أداء أبسط ما يقال عنه أنه متناسق ومتصاعد وذائب في حالة الشخصية مع
أحداث الفيلم واستحق من خلاله جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي ومعه
أيضًا حصل الفيلم على جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم في المهرجان مع ترشحه
لجائزة أفضل فيلم أجنبي في الأوسكار والجولدن جلوب والبافتا.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق