تمهيد
لطالما أردت أن أقوم بعملية بحث وتلخيص عن مجال شغوف بمعرفته والاستزادة
فيه وهو السينما بدايتها وتاريخها بشكل بسيط يكون مصدر لانطلاقة أكبر مستقبلية في
البحث وتمهيد لأفكار مواضيع تستحق التعمق بها أكثر لاحقًا فيما يتعلق بتطور
السينما ومدارسها. وقد كان الحافز أثناء تحضيري لموضوع عن تاريخ السينما المصرية لنادي
بروج الثقافي في اجتماع مخصص عن مصر في نوفمبر 2021. الموضوع سوف يقسم على مقالين الأول عن شرارة اختراع السينما وبداية انطلاقتها وبعض من أبرز تطوراتها
ونبذة سريعة عن مدرستين مؤثرة بها وهي الموجتين الإيطالية والفرنسية. أما المقال
الثاني فهو عن تاريخ السينما المصرية ومراحلها. هناك بعض الكلمات والعبارات باللون الأحمر يوجد بها روابط
كمرجع لاستزادة القارئ ومعرفة التفاصيل سواء مقال أو مقاطع فيديو للتوضيح مع مصادر
أخرى نهاية المقال. قراءة ماتعة للجميع.
اختراع السينما
![]() |
| الغرفة المظلمة ذات الثقب الأسود |
قبل انبثاق فجر السينما مع الاخوين الفرنسيين لوميير، لم تكن السينما وليدة لحظة وإنما نتيجة تراكم أفكار ونظريات واختراعات على مدار عقود. بدايةً من ابن اهيثم المؤسس الأول لعلم البصريات وواضع المبادئ العلمية لكيفية رؤيتنا للأجسام ودراسات الضوء ومصطلحاته وتجاربه على الغرفة أو الصندوق المظلم ذو الثقب الذي يرتكز عليه مبدأ التصوير الشمسي (الضوئي) مرورًا باستمرار تجارب الفنان والرسام والمخترع الإيطالي ليوناردو دافنشي عليها. وخلاصة التجربة أنه عندما يوجد ثقب في أحد جدران غرفة مظلمة يمر من خلاله ضوء ينعكس على الجدار المقابل فإن الأشخاص أو الأشياء التي في الخارج أمام هذا الثقب سوف تظهر وتنعكس على الجدار المسلط عليه الضوء ولكن فقط بصورة معكوسة ويعتبر ذلك نواة فكرة جهاز العرض الذي نستخدمه (بروجكتر).
واستمر العمل والتطوير من بدايات القرن التاسع عشر على فكرة الصور المتحركة التي جاءت منها الأفلام ولأجل ذلك يطلق على الفيلم أحيانًا Motion Picture وهو مصطلح لم يأتي من فراغ حيث إنه يلخص أصل فن السينما التي تتكون في الأساس من صور ثابتة يتم تحريكها بسرعة محددة في الثانية للحصول على وهم الحركة والتي تصنع في النهاية الفيلم السينمائي وذلك نتيجة أن عين الانسان قادرة على الاحتفاظ بصورة واحدة فقط عند عرض أكثر من 10 صور في الثانية الواحدة، بالتالي لو تم عرض 10 صور أو أكثر فلن يلاحظ الانسان الاختلافات الكبيرة بينها وتظهر كأنها صورة واحدة متحركة نتيجة الحركة السريعة. وهي الفكرة التي قام بها أحد المصورين في القرن التاسع عشر عندما قرر اصطفاف 12 كاميرا (قيل أكثر في بعض المصادر) بجانب بعضها على مسافات متساوية لتصوير حصان في اسطبل وهو يجري لمعرفة ما إذا كانت قوائمه الأربعة ترتفع عن الأرض في جزء من الثانية، وكانت النتيجة أن عرض هذه الصور خلف بعضها بشكل سريع خلق منها لقطات متحركة ومن هنا جاءت مصطلحات 16 frames/sec و 24 frames/sec
بداية السينما
| آلة السينما غراف عرض الأخوين لوميير |
انطلقت السينما بمفهومها الحديث الحالي عندما قام الاخوان المخترعان
الفرنسيان أوغست ولويس لوميير بصناعة جهازهم الخاص بالتصوير والعرض لتكون ذروة كل
ما سبق من نظريات وتطبيقات عملية في هذا المجال منذ بدايات القرن التاسع عشر
ويُعرف اختراعهم بالسينما غراف والتي اشتق منها مصطلح السينماتوغرافي (Cinematography)
ليعبر عن التصوير السينمائي وكان ذلك في عام 1894. وفي آواخر العام 1895 في شهر
ديسمبر كان أول عرض جماهيري في باريس وتحديدا في الصالون الهندي بالمقهى الكبير
(الجراند كافيه) الكائن بشارع كابوسين بالعاصمة الفرنسية باريس حيث تم عرض عشرة
أفلام قصيرة لا يتجاوز الواحد منها دقيقة وكانت عبارة عن أفلام توثيقية لمواقف كعمال يخرجوا من المصنع
أو قطار يصل إلى المحطة
وكانت عناوين الأفلام على هذه الشاكلة وحتى يقٌال أنه عندما تم عرض الفيلم القصير
للقطار الذي يصل المحطة فالحاضرين خافوا ظنًا منهم أن القطار سوف يصطدم بهم من
الدرجة التي كان بها الاختراع غريبًا وساحرًا.
تطورات السينما
![]() |
| جورج ميليس وفيلم رحلة إلى القمر |
واستمرت السينما توثيقية لمواقف حقيقية فقط يتم تصويرها كما هو الحال
في أول فيلم عرضه الأخوان لوميير حتى جاء الساحر والفنان
جورج ميليس والذي كان أحد الحضور عند تدشين اختراع الأخوين لوميير وأعجب
بالسحر الذي ينطلق منه، فقام بأول فيلم روائي قصير خيال علمي ذو قصة بعنوان "رحلة
إلى القمر" A
Trip to the Moon عام 1902 بعد أن اكتشف حيلة المونتاج
بالصدقة كما يُقال. وهي أنه بإمكانك أن تقطع وتلصق بين كل إطار وآخر (فريم) على
شريط أو فيلم التسجيل السيلوليد. وكان مدة الفيلم 13 دقيقة واستخدم فيه حتى مؤثرات
بصرية عملية وقام ببناء استديو وديكور ليكون له الأسبقية كمخرج وكاتب فيلم روائي
ومونتير.
| فيلم ولادة أمة ومخرجه ديفيد جريفيث |
في عام 1915 كان أول فيلم روائي طويل في أمريكا مدته 3 ساعات وربع بعنوان “ولادة أمة” Birth of a Nation على الرغم من عنصرية الفيلم من إخراج ديفيد جرافيث لكنه كان ثورة ورسخ لقواعد كثيرة متعلقة بالإنتاج ورواية الفيلم الطويل هو وفيلمه التالي عام 1916 Intolerance ومن ذلك تقنية Cross Cutting, Close up & Camera Tracking.
| فيلمي مغني الجاز وساحر أوز |
في عام 1927 تم عرض أول فيلم ناطق "مغني الجاز" The Jazz Singerمن
إنتاج شركة "الإخوة وارنر" Warner Brothers وذلك بواسطة جهاز
"الفيتافون Vitaphone" الذي يسمح بتسجيل صوت الممثل على
أسطوانة من الشمع تدار مع جهاز العرض السينمائي بطريقة ميكانيكية مطابقة للصورة
التي تعرض.
في عام 1939 أعلنت هوليوود دخول عصر الأفلام الملونة باستخدام تقنية "التكنوكولور"
Technicolor من خلال أفلام Wizard of Oz وGone with the Wind
السينما العالمية وموجاتها
| أحد أشهر أفلام الموجة الإيطالية سارقي الدراجة وفيلم أكيرا كروساي روشامون |
لم تكن السينما لتصل لما وصلته الآن لولا كذلك السينما الأجنبية التي
تميزت هي الأخرى بأحداث مهمة جداً صنعت مجد الفن السابع.
انطلاقا من إيطاليا بدأت ما يسمى بـ "الواقعية
الإيطالية الجديدة" وهي حركة ثقافية سينمائية بقالب
وثائقي ظهرت في الأربعينات (1942-1961) في فترة الحرب العالمية الثانية وما
بعدها وتعتمد على التصوير المباشر والبسيط لمعاناة الطبقات الفقيرة في المجتمع. وتتميز بميزتين رئيستين:
الأولى: هي التصوير الخارجي في الشوارع
والأسواق والتجمعات السكنية الفقيرة بصورة تقرب إلى الأفلام الوثائقية.
الثانية: هي استعانة مخرجي هذ الحركة دائماً
بممثلين غير محترفين للقيام بالأدوار الرئيسية في أفلامهم.
وجدت الواقعية الإيطالية الجديدة انتشاراً واسعاً ولم تأخذ وقتًا
طويلا لتنتقل إلى فرنسا تحت اسم " الموجة الفرنسية الجديدة " حيث
بدأت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فدفعت مجموعة من النقاد الذين كانوا
يكتبون في مجلة كراسات السينما يثوروا على الطريقة الاعتيادية في السرد ورواية
الأفلام وقرروا أن يتحولوا إلى التطبيق والفعل بأنفسهم فيصنعوا أفلام شخصية من وحي
وواقع تجاربهم واخترعوا طرقهم في التحرير والأسلوب المرئي والسرد ليثبتوا أن
الأمور قد يتم فعلها بطريقة مختلفة فوق ما كان يتم تبينه في السينما العالمية.
وكانت تسمى أيضًا بسينما المخرج المؤلف لأنها خرجت من سطوة الأستوديوهات لأن تكون
بمثابة رؤية ورسالة خاصة من المخرج. بالإضافة إلى الانخراط في الاضطرابات
الاجتماعية والسياسية في تلك الحقبة، وغالبًا ما استخدموا السخرية أو استكشاف
الموضوعات الوجودية. وتُعتبر الموجة الجديدة واحدة من أكثر الحركات تأثيرًا في
تاريخ السينما وأهم ما فيها انها انطلقت كثورة ضد السينما التقليدية. ومن أهدافها
الأساسية: تأسيس سينما فرنسية وطنية، الحرية في التعبير السينمائي. ومن أشهر الأساليب
والتقنيات المختلفة التي أدت بها هي على مستوى المونتاج هي Jump Cut.
في اليابان التي كانت تتعافى من رماد الحرب العالمية الثانية صنعت
مجداً ما زال حتى اليوم من خلال المخرج الياباني "أكيرا كوروساوا“ بداية بفيلمه "روشومون"
Rashomon
قدم طريقة جديدة تماماً في الإخراج، وبفضل المصور "كازو مياجاوا" عرف كورساوا
جيدا كيف يتعامل مع الكاميرا، اشتهر بالكثير من الطرق الابتكارية في التصوير
وابتكار كيفية تصوير الأمطار الاصطناعية. ابتكارات مثل هذه أظهرت ذكاء وتطور اليابانيين
في إنتاج الأفلام.
مصادر
4) نشأة السينما وتطورها في العالم
5)
تاريخ الفن السابع.. كيف ولدت السينما على يد التصوير السينمائي؟
6)
فيديو تاريخ السينما | كيف كانت البداية وهل سرقها توماس إديسون؟!
7)
فيديو البلاتفورم عن تاريخ بداية السينما
8)
فيديو ما هي الاختراعات التي مهدت لتاريخ السينما؟
10)
حكاية أول فنان مونتاج في التاريخ جورج ميليس
11)
حكاية المونتاج مع المخرج الأمريكي ديفيد جرافيث
13) كتاب The Movie Book
14) حكايات من الموجة الفرنسية الجديدة
15) خصائص الموجة الجديدة من السينما الفرنسية
16) 10 أفلام عظيمة من” الموجة الجديدة" الفرنسية
17) السينما الفرنسية الجديدة.. الأدب والسـياسة يصوغان حرية الإبداع
18) Breaking The Rules - The French New Wave



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق