المؤلفة (نقلًا عن مقدمة الرواية)
هارييت ستو
·
هي
هارييت بيتشر أو تعرف أيضًا بهارييت ستو على لقب زوجها المولودة في 14 يونيو عام
1811 م في ليتشفيلد بولاية Connecticut الأمريكية.
·
ذاقت
ألم الفقدان عندما توفيت والدتها وعمرها أربعة أعوام.
·
عاشت
في ظل أسرة كبيرة فهي السابعة من تسعة أشقاء وعندما تزوج أباها امرأء ثانية أصبح
لديها أربعة إخوة ذكور أيضًا.
·
الذكور
من الأسرة توجهوا إلى التبشير الديني بينما الإناث إلى التعليم والتربية الدينية
والتأليف والمشاركة في الحركات النسائية فتلقت هي تعليمها في مجالات متعددة ومنها
الدين والتاريخ والعلوم.
·
زوجها
أحد أساتذة الشؤون الدينية وأحد أبرز دعاة تحرير العبيد وأنجبت سبعة أطفال وذاقت
مرارة الفقد مرة أخرى عندما توفي أحد أطفالها من مرض الكوليرا وهو لم يتجاوز العام
الأول وتوفيت في الأول من يوليو عام 1896 م.
قصة الرواية
إخبار العم توم أنه قد تم بيعه
الرواية تتحدث عن العم توم العبد المؤمن والمتمسك بتعاليم الدين
المسيحي مما ينعكس على حسن أخلاقه وأمانته وحرصه على خدمة سيده في مقابل أن سيده
هذا شخص رحيم وعطوف وكريم ولكنه مبذر ولا يستطيع إحكام ماله حتى تراكمت عليه
الديون مما اضطره إلى بيع مجموعة من عبيده وعلى رأسهم توم الذي يفترق عن زوجته
وأولاده ونذهب معه في رحلة إلى المجهول يتنقل فيها ما بين مجموعة من الأسياد
الآخرين باختلاف أنواعهم وطريقة تعاملهم وتأثير توم على من حوله من عبيد وأسياد
وما يمر به من معاناة على مدار خمسة سنوات هي النطاق الزمني للأحداث.
صدى الرواية (نقلًا عن مقدمة الرواية من غير تصرف)
سنة 1850 صدر قانون العبيد الفارين الذي يعاقب كل من يساعد عبدا
هاربا، ما آثار نقمة دعاة التحرر، فنشرت هارييت رواية "كوخ العم توم"
خلال سنة 1851 في إحدى الصحف المعادية لنظام الرق ولاقت قبولًا حسنًا لكنه كان
مقتصرا على الملتزمين بقضية العداء للعبودية، أي على قراء تلك الصحيفة. كان
للرواية تأثير مختلف من حيث سعة الانتشار عندما صدرت كتابًا سنة 1852، فقد بيع
منها ثلاثة آلاف نسخة في اليوم الأول لصدورها وأكثر من ثلاث مئة ألف نسخة في العام
الأول. ولـتـكـويـن فكرة عن مدى انتشارها مقارنة بأعداد القراء اليوم، تجب مضاعفة
العدد عشر مرات. بين 1852 و1860 طبع الكتاب في اثنتين وثلاثين لغة. وفي النصف
الثاني من القرن التاسع عشر، لم يتجاوز عدد نسخ هذه الرواية في الولايات المتحدة
الأميركية إلا كتاب التوراة. ولم تقتصر شهرة الكتاب على تلك البلاد بل عمت البلدان
الأوروبية، فعندما زارتها المؤلفة سنة 1853، لاقت استقبالاً حافلاً أينما حلت.
والسبب الأساس في شهرة رواية " كوخ العم توم " أنها تنطلق من صميم
الواقع الذي ساد الولايات الأميركية في القرن التاسع عشر ومحوره الاسترقاق
(الاستعباد) والمتاجرة بالعبيد. وقد قال أبراهام لنكولن عن المؤلفة مشيرًا إلى دور
رواياتها في حرب الانفصال بمبالغة لا تخلو من الحقيقة "المرأة الصغيرة التي
أشعلت هذه الحرب الكبيرة"
·
أبدأ
أول فكرة انتهاء بما ذكرته في القصة وهي أننا نشهد انتقال العم توم بين عدة عوائل
وهذا الانتقال يشهد معه تصاعد وهبوط في وتيرة حياته ما بين نعيم وجحيم كعادة تداول
الأيام على المرء ما بين حلو ومر ولكن الفارق الكبير في حياة العبيد هو أن هذا
الحلو أو المر الذي يعيشوه لم يكن لهم يد فيه البتة وإنما تبعًا لحال سيدهم.
·
الرواية
بالفعل كانت شمولية ونجحت في تغطية جميع مظاهر قضية الرق في تلك الفترة على الصعيد
الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأخير كان له الحيز الأكبر حتى أني اعتبرها رواية
مفتاحية في تسليط الضوء على هذه القضية.
·
بلا شك
في أن الخلفية الاجتماعية للروائية كانت حاضرة بشكل واضح وبالأخص في نقطتين:
1) الأولى في وصفها لمشاعر وألم الفقد وخاصة عندما
يتم وصف فصل الأمهات عن أبنائهم وكذلك نتيجة احتكاكها بالكثير من العبيد في تلك
الفترة الذين وقفت على حال بعضهم شخصيًا كما جاء في سيرتها.
2) الثانية هي الصبغة الدينية في أغلب شخصياتها إن
لم تكن جميعها وانعكاس ذلك على أخلاقهم وسلوكياتهم بشكل واضح. فالشخصيات المتمسكة
بالديانة المسيحية تجدها تكتسب جانب اللين والرحمة والعاطفة والحب والبحث عن الله
وحتى إن جانب بعضها في لحظات الشدة والكرب الغضب والسخط من الحياة وأين وجود الله
مما هم فيه إلا أنهم بعد فترة يقنعوا للعودة إليه. حتى أني أجد أن الشخصية
الرئيسية توم تعتبر بمثابة المسيح متجسدًا في أحداث الرواية عند معتنقي الديانة
المسيحية وعلى الجانب الآخر تمامًا فإن الشخصيات الدنيئة القميئة والسيئة تجدها
إما تستغل الدين فقط لشرعنه الاسترقاق أو تكون شخصيات بعيدة عن هذا الجانب وبل
ساخرة ومتهكمة حتى أن أحدها يخبر العم توم صراحة أنه هو كنيسته.
·
الرواية
تستعرض وتحلل سلوكيات اجتماعية نتيجة قضية الاسترقاق ومنها فكرة أن يكون هناك أناس
من نفس الطبقة المضطهدة ولكن بمجرد أن ترتفع منزلة أحدهم عن الآخر درجة فذلك
يجعلهم يبطشوا أو يتكبروا على من كانوا معهم. (شبيه بفيلم Parasite).
·
مما
كان يساهم في تفاقم مشكلة الرق هو الجهل الذي يقبع فيه هؤلاء العبيد جيلًا بعد جيل
بحرص من الأسياد على ذلك فمجرد وجود عبد يقرأ أو يكتب كان يعتبر بمثابة خطر عليه
لأنهم يخافوا أن يستخدم قلمه في التحريض وطلب المساعدة أو المعونة وقد يكون سبب في
قتل العبد. وهذا يجعلهم ضعفاء أمام الدفاع عن حقوقهم فيتم استغلالهم وإيهامهم أن
سيده هو الذي سوف يكون سبب له في دخول الجنة أو النار وأن طاعته من طاعة الرب وهذا
الجهل قد يصل أحيانًا لبعض العبيد حتى لو لديه الفرصة أن ينفذ بجلده من أجل حريته
فيجد ذلك من الخيانة أو يخاف أنه سوف يشقى بحريته مقابل بقائه مع سيد كريم.
·
وكيف
أن ظاهرة الرق تنتفي معها خلق الأمانة في الأغلب عند العبيد مهما بلغ أخلاق أحدهم
ورقت سيده في نفس الوقت وذلك لأنه ينشأ أن الأساليب السرية هي الوحيدة التي تحقق
أهدافه ويشعر بعدم الأمان دائماً نتيجة فقدانه لحريته وخوفه من تقلب الدهر عليه
فيضطر أن يسرق من جيب سيده. (رأي اجتماعي لسانت كلير في الرواية).
·
وكذلك
انعكاس ذلك على أن تكون متدين بحق، فكيف يكون لديك فرصة بأن تتأمل أصلًا في مفهوم
الدين والحاجة إليه وأنت تساق كل يوم كالآلة منذ شروق الشمس إلى غروبها وبالكاد في
الأغلب تلقى مقابلها ما يسد رمقك وتجد نفسك تحت شرعنة الدين أنك المعذب في الحياة
وليس هناك أي تساوي مع بني جنسك من البيض فيستجلب ذلك سخطك ويأسك وتعجبك.
الرواية مليئة بالشخصيات فيوجد بها 42 شخصية كما هو موضح في مقدمة
الرواية ما بين أطفال ورجال والأغلب النساء وفي بعض لحظات الرواية تشعر أن
الشخصيات التبست عليك لوهلة نتيجة تشابه أسماء بعضها كتكرار اسم جورج واسم توم.
وكان وصف الشخصيات على الصعيد الخَلقي ممتاز مما ينعكس على تخيلها على القارئ ومدى
ملائمة توصيفها الشكلي مع سماتها الخُلقية أو تاريخ معاناتها. ومع كثرة الشخصيات
فالرواية أيضًا ملأه بالحوارات على اعتبار طبيعة القضية المعقدة في تأثيرها على
جوانب مختلفة. وكان هناك استحضار ممتاز للخلفية التاريخية للعديد من الشخصيات
يجعلك ترتبط معها أكثر وتتفهم حاضرها من مواقف وسلوك.
على الرغم أن الشخصية الرئيسية للرواية ومحور الأحداث هي العم توم إلا
هناك شخصيات أخرى على الصعيد الشخصي كنت أكثر انجذابًا لها وهذا ليس سوء في طرح
شخصية العم توم على القارئ أو تركيبتها بقدر أن الشخصيات الأخرى التي جذبتني أكثر
تعقيدًا وصراعًا مع النفس وهي كالتالي:
·
شخصية
السيد سانت كلير (أوجستين): وهي شخصية أحد الإقطاعيين الذي يمتاز بالعطف والرحمة
والكرم مع عبيده ولكنه يجد نفسه في صراع في أن يقوم بشيء يمحو عار بلاده تجاه قضية
العبيد وحريتهم لأنه يرى نفسه جزء من منظومة أكبر وأقوى سائدة بقوانينها بالإضافة
إلى كسله وتسويفه وكذلك صراعه مع زوجته التي هي على النقيض تمًاما في مسألة الرق.
والحوارات التي أرستها الروائية على لسانه في تحليل قضية الاسترقاق للقارئ كانت من
أجمل الفصول ومع وجود حس السخرية لديه في الحديث والتهكم الذي يجعلك تضحك عليها في
بعض الأحيان.
·
شخصية
كاسي وهي أحد العبيد الخلاسيين والخلاسية أو الخلاسي وهو الذي ولد من أب أبيض وأم
سمراء البشرة أو العكس. هذه الشخصية على الرغم أنها كانت عبدة ولكنها متمردة وكانت
كان لديها نوعًا ما كعب عالي على سيدها لأسباب معينة وتتعامل معه بمكر ودهاء وكانت
في صراع ما بين رغبة الحياة والموت ومساعدة غيرها من العبيد ومحاولة النيئ بنفسها
أن تتعرض للأذى وسخطها على الله وبحثها عنه وتقلب حياتها والخلفية التاريخية لها.
·
شخصية
إيفا الطفلة ذات السادسة ربيعًا والتي قراءة صفحاتها وفصولها كان ينعكس على نفسي
كقارئ بالبهجة أو الحزن بناًء على حالتها ولكن في نفس الوقت كنت أحيانًا أشعر
بفجوة ما بين الحديث الذي يساق على لسانها في كونه أكبر من عمرها.
النسخة التي لدي
·
هي
ترجمت دار اسمها دار الجيل طبعة سنة 2009.
·
النسخة
مهد لها الدكتور سليم قهوجي بمقدمة رائعة عن سيرة الروائية وأهمية الرواية
وتأثيرها بالإضافة إلى قائمة بأسماء الشخصيات واستعراض بروفايل الشخصيات الهامة
منها وأردفها بأسئلة تفاعلية في نهاية الرواية لتختبر فهمك لها وبعض القواعد في
اللغة العربية وأخيرًا شرح للكثير من المفردات الجديدة قد تكون للبعض في حاشية كل
صفحة مما يجعلها نسخة ثرية وكاملة من وجهة نظري في هذا الاستعراض والإثراء وخاصة
لمن هم في بداية قراءتهم للروايات.
·
الرواية
مقسمة إلى فصول وكل فصل يحمل عنوان المكان الذي يكون سيد الحدث أو الشخصية
وأحيانًا أخرى عناوين تجعلك تتفكر في مغزاها ومآل نهاية الفصل.
بالنسبة لي على الصعيد الشخصي فالرواية كانت تدمي وتفطر القلب وتدمع
لها العين وتجعلك تقف في صفحاتها حتى ينساب منك شعور الحزن قليلًا قبل أن تعاود
القراءة وتفجع معها لقسوة الانسان وحقارته ووضاعته وخاصة في المواقف التي يتم فيها
تجريد الأمهات من فلذات أكبادهم وردات فعلهم ومنها عندما تستنجد امرأة عجوز أن تُشترى
حتى فقط تبقى مع ولدها عند سيده الجديد ولعلي زدت حزني وتأثري بأن أتبعت مشاهدة
الفيلم الفائز بالأوسكار 12 Years a Slave الذي كان لا يخلو من قوة التعبير عن هذه
القضية.
ما زال الواقع الحالي تمارس فيه العبودية وإن لمن تكن كما في القرون السابقة ولكن بأنواع مختلفة أبسطها أن يستعبد الأب أو الأم أبنائها أو الرئيس أو الاستعباد الفكري بأن تبقى داخل حلقة فكرية معينة. ما زال الظلم والجبروت والجور موجود بأشكال مختلفة. ما زال الجهل آفة على صاحبها مهما كان في أي زمن. وما زال الدين يستلزم أن تكون حرًا طليقًا. كنت قد قرأت الرواية في أيام حجر فيروس كورونا عام 2020 وهي أيام كان المرء يستشعر فيها قيمة فقدان الحرية في الخروج والحركة حتى وإن كنت من الأشخاص الذين يفضلون العزلة وجلسة المنزل كحالي.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق