الثلاثاء، 26 يوليو 2022

أولاد حارتنا

 


مما لاشك فيه أنه منذ الصفحات الأولى لقراءة رواية أولاد حارتنا وبكل تجرد وبعيد عن ضوضاء جدليتها وتكفير صاحبها عليها، فإنه لا مجال إلى أن تقارن لا شعوريًا وترى أنها رواية رمزية عن بداية التاريخ الإنساني وبالتحديد عندما تم إنزال آدم عليه السلام وزوجه حواء إلى الأرض وبداية رحلة الشقاء الإنساني وخطيئة الحسد الأولى التي جعلت الشيطان يغوي آدم عليه السلام بأن يعصي ربه ويخرجه من جنته مرورًا بما أدمته عن أول جريمة قتل في تاريخ البشرية بقتل قابيل لأخيه هابيل مرورًا بقصة الرسل أصحاب الكتب السماوية واختلاف فلسفة التشريعات بينهم، انتهاءً بالعلم الذي استغلته البشرية في دمارها أكثر من صلاحها وظنت أنه بالعلم وحده تستقيم أمورها. وفي كل هذا من رمزيات لم أجد غضاضة ولا حنقه أقلها على قدر فهمي لرمزياته واستيعابها في مضمون ما يريد أن يوصله من رسائل وقيم ومعاني استوحها من حياة الرسل. ولكن للآسف على قدر حرصي وحماسي لقراءة أول عمل أدبي لنجيب محفوظ وقراري في أن أبدأ بواحدة من أشهر روايته، إلا أني أجدها عادية ولم تشهد ملمح أدبي مميز عندي فضلًا عن أني أصبت بالملل مع فصلها الخامس. جل الغرض من كتابة نجيب محفوظ لها حتى نشهد نحن جوقة البشر العميان كيف لا نتعظ بتاريخنا وشغوفين بتكراره ومدفوعين بخطايا الحقد والحسد والطمع والشجع والسلطة والغضب واستغلال الدين وتحريف الرسائل السماوية وتقديس علماء الدين وكيف أن الدنيا لا تستقيم إلا بجناحي الدين والعلم. وآسفي أن رواية مثل هذه أو حتى أي عمل يؤدي في النهاية إلى تكفير صاحبه ومحاولة اغتياله كما حدث لنجيب محفوظ الذي أفقدته أحد المتع الباقية له في حياته كما وصفها يمشي بين الناس في الشوارع آمن على حياته. ولكن كما قالت الرواية داء حارتنا الجبن وآفة حارتنا النسيان.

النسخة التي قرأتها هي من دار الشروق المصرية التي امتلكت حقوقها الأخيرة وأُصدرت سنة 2006 بعد نزاعات على نشر الرواية من جهات مختلفة.

أترك للقارئ حلقتين تلقي عن كثب لأفكار وآراء نجيب محفوظ من البرنامج المميز الموهوبون في الأرض:

الجزء الأول

الجزء الثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق